ما الذي ميّز سليماني والمهندس حتى أصبحا مدرسة للأجيال؟

بداية لابد من التنوية على هذه الحقيقة، وهي ان قائد الثورة الاسلامية سماحة الأمام الخامنئي حفظه الله لم يطلق وصف ((مدرسة)) على جميع القراءات والشحصيات التي شهدتها الثورة الاسلامية في ايران إلّا فيما يتعلق بالامام الخميني رضوان الله عليه وقبل عام فيما يتعلق بالشهيد الفريق الحاج قاسم سليماني ورفيق نهجه الحاج الشهيد ابومهدي المهندس. هذا الأمر يدعونا لمعرفة خصوصيات هذين الشهيدين الكبيرين والقائدين الميدانيين الذين خرجت الأمة بالملايين لتوديعها من بغداد حتى مثواها الأخير، احدهما في كرمان والآخر في النجف الأشرف… علماً ان هذه الخصوصيات قد نشاهدها في العديد من الرموز والشهداء وقد نواجهها في حياتنا من قبل اناس عاديين، لكن اجتماع هذا الكمّ من الصفات في شخص هو الذي مميزاً ويحوله الى مدرسة لمن حوله ولابناء عصره:
1_ الايمان والعقائدية التي تميز بها الشهيد سليماني والشهيد المهندس، هذا الايمان الذي حول هذين الجسدين الى شعلة من التحرك والجهاد ونكران الذات والتضحية بالغالي والنفيس من أجل المبدأ.
2_ البصيرة، لقد كانا رحمهما الله ينظران الى الأمور بعين الله كما ورد في الحديث الشريف، هذه البصيرة التي جعلت هذين الشابين يخوضا غمار الموت دون ان يرفّ لهم جفن. انها بصيرت عمار رضوان الله عليه وبصيرة علي الاكبر والعباس سلام الله عليهما.
3_ التبعية للولاية والذوبان في الولي الفقيه، كما عبر عن ذلك الشهيد السعيد الامام محمد باقر الصدر ((ذوبوا في الامام الخميني كما ذاب في الاسلام)) … والولاية والتبعية تعني انك لا تتقدم ولا تتأخر لو بخطوة عن وليك، وهذا الأمر احد مصاديق الولاء والبراء في عقيدتنا.
4_ نكران الذات ولعلنا هنا نعجز عن حصر الأمثلة على ذلك فقد ترك الشهيدين كل ما كان بأمكانهما ان يحصلا عليه من أجل العقيدة والخلق والمستضعفين.
5_ الترابية، سبحان الله هذين الشهيدين كانا مثالاً لوصف ((ابي تراب)) الذي اطلقه رسول الله (ص) على أميرالمومنين … لم يفترشا التراب فقط بل الأهم من ذلك كانا الأقرب الى الترابيين والمتربيين من المجاهدين والمظلومين والمشردين جراء هجمات و عدوان الأرهاب الداعشي والقاعدي الوهابي.
6_ دماثة الخلق، كنت اذا تلتقي واحداً منها تشعر وكأنك تعرفه منذ عشرات السنين، كنت تشعر انه ملكك انت فقط في علاقته ومحبته … لذلك احبهما الجميع إلّا من في قلبه مرض وهؤلاء لم يحبوا رسول الله سيد الكائنات (ص) ولم يحبوا امام المتقين علي عليه السلام فهل تريدهم ان يحبوا الولي الفقيه وقادة حربه؟!
7_ سعة الأفق في النظر الى الآخرين … وهذا دليل على استيعاب تام النظرية الامام الخميني (رض) في تقسيم العالم الى حزب مستضعفين وحزب مستكبرين وهو التقسيم القرآني الذي من خلاله يجتمع كل المستضعفين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية والعقدية والمناطقية والعرقية في مواجهة القلّة المستكبرة التي يُمثلها اليوم التحالف الصهيو_امريكي.
لذلك قد يسخر الانسان من تلك الاصوات المتفرقة التي يتحدث بلغة طائفية او قومية او دينية …. .
نعم سليماني والمهندس كانا للسني كما هما للشيعي وللايزدي والمسيحي وحتى الكليمي كما هما للمسلم، وللملحد كما هما للمؤمن، ضمن دائرة اوسع من الصراع بين الخير والشرّ والحق والباطل.
8_ العالمية، بمعنى انهما تجاوزا الافكار المناطقية والقطرية والقومية كانا يفكران بالعراق وايران كما يفكران بسوريا ولبنان واليمن وافغانستان و … غيرها من بلاد المستضعفين … وهذا لا يتعارض مع حب الوطن ولا يخدش في وطنيتها، لأنهما يران الوطن ضمن دائرة واسعة في عملية الصراع، دائرة لا ينظر اليها المأزوم الطائفي او الفاشي…
9_ القدس هي البوصلة … كانا رحمة الله عليهما مثالاً في دقّة الهدف و معرفة الغاية، كانت القدس هي الهدف النهائي، ليس فقط لرمزيتها العقائدية، بل لأنها رمز الصراع بين الخير والشرّ، وايقونة الجهاد من أجل الانسانية ومواجهة الاستكبار … لذلك كل بندقية و كل كلمة وكل فكرة تحيد عن القدس، تطبع مع الصهيوني، تمالي الامريكاني الذي بسلاحه يقتل المستضعفين، هي بدقية و كلمة وفكرة ونظام خائن وخائنة.
ولا غرابة ان يصف المطبعون والمتصهينون والصهاينة الى الشهيدين سليماني والمهندس ومحور المقاومة وكل من يهدد ويواجه هيمنتهم واستكبارهم، بالأرهاب، فهؤلاء مثال لـ: رمتني بدائها وأنسلّت!
سلام على الجسدين المقطعين، سلام على الجباه المعفرة بالسجود لله والتي احرقها الحقد الصهيو امريكي ما طلعت الشمس ولا غربت وإنا ان شاءالله على العهد، اوفياء لنهجكما، نهج الحسين (ع) وابوالفضل العباس (ع) نهج لا يعرف الموت على الفراش ويسعى الى الخلود عند ربهم يرزقون.
*حجي عاشور الاهوازي